التخطي إلى المحتوى الرئيسي

مواقع المدن الإسلامية

منذ أوائل العصر الإسلامي كان للعوامل البيئية والمناخية أثر كبير في اختيار مواقع المدن الإسلامية ، فعندما طلب قادة الجيوش من عمر بن الخطاب الإذن في إنشاء مراكز ومعسكرات لسكن الجنود أقرهم على ذلك واشترط أن يكون اختيار الموقع من قبلمواقع المدن الإسلامية خبراء ، وأن يكون على طرف البادية  قريبا من الماء والمرعى ، ولا تفصله عن المدينة المنورة موانع طبيعية كالأنهار والجبال ، وبموجب هذا التوجيه تم اختيار البصرة والكوفة ، اللتين كانتا من أوليات المدن الإسلامية التي أنشئت في البلاد المفتوحة.

كما أن اختيار موقع مدينة الفسطاط جاء موافقا لتوصية عمر بن الخطاب ، فقد تم اختيار موقعها في مكان لا يفصله عن المدينة المنورة ماء ، سواء أفي شهور الصيف أم في شهور الشتاء.

كما اهتم المسلمون أيضا بالاعتبارات الصحية والمناخية عند اختيارهم  لمواقع مدنهم الجديدة ، فعند إنشاء مدينة ((واسط)) طلب الحجاج من أصحاب العلم والدراية في قضايا  الصحة والزراعة والري والتجارة اختيار موقع مناسب لها ، وطلب منهم أن يكون المكان مرتفعا وهلى نهر جار عذب ، وأن يكون مناخ المنطقة جيدا وطعامها سائغا ، وسار على النهج نفسه المعتصم بالله حين أراد أن ينشئ مدينة ((سامراء)) ، فموقعها المختار مرتفع عن مستوى سطح النهر ، فهي غير معرضة للغرق ، وهواؤها طيب ، وأرضها واسعة تحيط بها أراض زراعية واسعة.

وعدت ((جودة الهواء)) من المميزات التي أشاد بها الجغرافيون في حديثهم عن الصفات الحسنة للمدن ، ومنهم من دلل على ذلك بأدلة عدة من المقاييس ، التي كانت تعتبر نافعة في معرفة طيب هواء الموقع أو فساده ، فقد ذكر ((القزويني)) مثلا في حديثه عن صنعاء مدللا على صحة هوائها أن : ((اللحم يبقى بها أسبوعا لا يفسد)) ، وذكر عن طليطلة أنه : (( من طيب تربتها ولطافة هوائها تبقى الغلات في مطاميرها سبعين سنة لا تتغير)) ، وعندما تحدث عن أصفهان ذكر : أنه لطيب هوائها يبقى بها التفاح غضا سنة ، والحنطة لا تسوس ، واللحم لا يتغي)).

ومن الروايات الطريفة في هذا المجال ، أن صلاح الدين الأيوبي عندما أراد بناء قلعته في القاهرة ، لجأ إلى طريقة علمية لا تخلو من الطرافة ، بغية اختيار أفضل مكان يصلح مناخه للإقامة ، فقد أمر بتعليق بهائم مذبوحة في أماكن عدة مناسبة ، وكلها تفي بغرضه العسكري ، ولكن الموضع الذي تأخر فيه فساد اللحم عن سائر الأمواضع الأخرى ، دل على أنه الجو الأنقى هواء وفيه أقيمت القلعة.

وعن شرط اختيار المدن بصفة عامة ، يشير ابن الأزرق أن مايجب مراعاته في أوضاع المدن أصلان مهمان : دفع المضار وجلب المنافع ، ثم يذكر أن المضار نوعان : أرضية ، ودفعها بإدارة سياج الأسوار على المدينة ووضعها في مكان ممتنع ،إما على هضبة متوعرة من الجبل ، وإما باستدارة بحر أو نهر بها ، حتى لا يتوصل إليها إلا بعد العبور على جسر أو قنطرة ، فيصعب منالها على العدو ويتضاعف تحصينها ، والنوع الثاني من المضار سماوي ، ودفعه باختيار المواضع طيبة الهواء ، لأن ما ما خبث منه بركوده ، أو تعفن بمجاورته مياها فاسدة ، أو مروجا خبيثة يسرع المرض فيه للحيوان الكائن فيه لا محالة.

ولم تقتصر المعالجات البيئية بالمدن الإسلامية على النواحي المناخية فقط ، بل تعدتها أيضا إلى النواحي الصحية ، ويتمثل ذلك في تغذية المدن بالماء النظيف ، والعناية بشبكات الصرف الصحي ، إلى جانب الحرص على النظافة العامة للمدينة ، وهي كلها عناصر تتصل بالجوانب الصحية ، وتزداد أهميتها في المناطق ذات المناخ الحار.

الدكتور المهندس يحيى حسن وزيري – ((العمارة الإسلامية والتنمية)).عالم المعرفة.العدد 304 (يونيو 2004).ص ص 93-102 (بتصرف).

* ملاحظة النص واستكشافه :

1- العنوان : يتألف من ثلات كلمات تكون فيما بينها مركبين اثنين : الأول إضافي (مواقع المدن) والثاني وصفي (المدن الإسلامية).
2- بداية النص : نلاحظ فيها تكرار العنوان كاملا بعد مؤشر زماني (منذ أوائل العصر الإسلامي) ومؤشر سببي (العوامل البيئية والمناخية)

 3- نهاية النص : تنسجم مع العنوان وبداية النص لأنها تتضمن ألفاظا تنتمي إلى نفس الحقل المعجمي ، ومثال ذلك : لفظة ((المناطق)) التي تنسجم مع لفظة ((مواقع))  ، وعبارة ((المناخ الحار)) التي تنسجم مع ((العوامل البيئية والمناخية)). وهذا يجعلنا نفترض أن النص ربما سيتحدث عن العوامل الاعتبارات التي على أساسها تم إنشاء المدن الإسلامية.

4- نوعية النص : مقالة تفسيرية ذات بعد حضاري.

* فهم النص :

1- الإيضاح اللغوي :
- أشاد بها: نوهوا بها ، أثنوا عليها ، مدحوها

- مدللا : مقدما دليلا وحجة.

- غضا : طريا ولينا

1- الفكرة المحورية :
العوامل البيئية والمناخية والصحية التي اعتمدت في بناء وتصميم المدن الإسلامية

* تحليل النص :

1- الأفكار الأساسية :

مواقع المدن المدن الإسلامية

2- الحقول الدلالية :

الجانب الجغرافي الجانب المناخي الجانب الأمني الجانب الصحي
الماء- المرعى – الأنهار – الجبال – الزراعة – الري - الصيف – الشتاء – مناخ – هواء - سياج الأسوار – مكان ممتنع – مكان ممتنع – يصعب منالها على العدو – تحصينها- الماء النظيف – الصرف الصحي – النظافة العامة-


- عملية تطهير عرقي – تجمع ما بين عدة وسائل لإنزال أقصى أثر ممميت على الفلسطينيين – أصيبوا في القسم العلوي من الجسم – سياسة التصويب بهدف القتل – الرغبة في إحداث إعاقة – الهادفة إلى القضاء على الإنسان الفلسطيني – سياسة التدمير التي انتهجتها الحكومة الإسرائيلية.
* التركيب والتقويم :
        يعتمد اختيار المدن الإسلامية على عوامل بيئية ومناخية ، فقد روعي في اختيار البصرة والكوفة أن تكونا قريبتين من الماء والمرعى ، كما اختيرت الفسطاط في مكان لا يفصله عن المدينة المنورة ماء . أما مدينة واسط فقد اختيرت في مكان مرتفع وعلى نهر جار عذب.أما عن الظروف المناخية فقد اعتمد المسلمون على جودة الهواء معيارا رئيسيا في اختيار مواقع لبناء مدنهم.وبوجه عام فإن بناء المدن الإسلامية يعتمد على شروط أهمها : دفع المضار ، وجلب المنافع ، ومراعاة النواحي المناخية والصحية.
        يتضمن النص قيما منها :
- حضارية : تتجلى في مكانة المدن الإسلامية التي تجسد مدى ما بلغته الحضارة الإسلامية من تقدم وازدهار
- قيمة بيئية : تتجلى في مراعاة الجوانب البيئية في اختيار المدن الإسلامية

تحميل الدرس بصيغة pdf

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

نموذج من إنشاءات التلاميذ في مهارة كتابة اليوميات

نص الموضوع : اكتب يومية تتحدث فيها عن أفضل يوم أو أسوأ يوم مر معك خلال العطلة الصيفية الأخيرة مطبقا ما درسته في مهارة كتابة اليوميات. --------------------------------- نموذج من إنجاز التلميذة : سلمى أصياد  - الثالثة : 4 السبت الأول من شهر رمضان المبارك لسنة 1435هـ / 2014م في صباح هذا اليوم كانت الساعة العاشرة صبحا، استدعينا أنا وأمي لمؤسستي لاستلام جائزة تفوقي. كنت سعيدة جدا، عندما دخلنا المؤسسة قادنا الحارس العام إلى قاعة الأساتذة، وجدناها ممتلئة بالتلاميذ وأولياء أمورهم وأطر المؤسسة. بعد نصف ساعة نودي علي فاستلمت الجائزة والتقطت صورا للذكرى. رجعنا إلى المنزل وفي الطريق كنت أحدث نفسي بأن الله لا يضيع من عمل بصدق نية. في المساء في مساء ذلك اليوم كنا قد أعددنا فطورا جماعيا في الفرع الكشفي الذي أنتمي إليه. ذهبت على الساعة الرابعة للمساعدة في التحضيرات، كان عملا متعبا، وقلت في نفسي ياليتني لم أحضر حتى موعد الأذان ، فقد كنت متعبة جدا ولكن فرحة أيضا ، فقد تخلل التحضيرات نوبات من الضحك والمزاح. لكن لم يذهب تعبنا سدى، فقد فوجئ القادة بطريقة تزييننا للقاعة. قبيل الأذان بقليل اجتمعنا لسماع القر

مهارة كتابة سيرة ذاتية أوغيرية (التصحيح)

- الثانوية الإعدادية : …………………...     - الموسم الدراسي : 2011 / 2012 - مادة اللغة العربية                                   - مكون التعبير والإنشاء ( أنشطة الإنتاج ) - اسم التلميذ : - القسم : - الرقم الترتيبي : التخيل والإبداع : التدريب على مهارة كتابة سيرة ذاتية أو غيرية            نص الموضوع :            يقيم كل واحد منا عبر مراحل من حياته علاقة صداقة مع أصدقاء له يشاطرونه أفراحه وأتراحه ، ويشيعون في وجدانه الإحساس بدفء الروابط الإنسانية.            اكتب مرحلة من سيرتك الذاتية تسرد فيها طبيعة العلاقة التي ربطتك ببعض أصدقائك. نموذج مقترح :               من إنجاز التلميذة : وصال خراز                               الثالثة : 1        في صغري ، كل ما أتذكره أني كنت أصادق العديد من الصبيان ، إذ أنني لا أتفق مع البنات . كان لي عدة أصدقاء ، وجميعهم أولاد باستثناء واحدة كان اسمها “سكينة” .. كنا لا نفترق ، تجمعنا أواصر الأخوة والمحبة ، نسبح في بحر من الأحلام ، وجل كلامنا كان عن أحلامنا ومتمنياتنا للكبر..        كان كل ما نطلبه أن

نموذج لسيرة ذاتية حول المعاناة مع المرض

      نص الموضوع :     ألم بك في يوم من الأيام ، مرض عانيت منه لمدة ما. اسرد تجربة معاناتك مع هذا المرض وفق ما اكتسبته من خطوات كتابة سيرة ذاتية. --------------------------------------------------------------------------------        شاءت الأقدار في أحد الأيام أن ألم بي مرض قدر لي أن أعاني منه لفترة. لا أدري ما كان ذلك المرض، لكن ما أذكره أن الحمى مرفوقة بالسعال والزكام كانوا قد اتحدوا فأنهكوا قوى مناعتي ، وألزموني الفراش لأيام معدودات...        ظننت في البداية أنها مجرد نزلة برد ستحل علي ضيفا خفيفا ثم تمضي لحالها، لكن سرعان ما تجهز المرض فأحكم قبضته علي. وبذلك انطفأ نور النشاط والحيوية اللذين كانا يدبان في نفسي، وحل محلهما العياء والخمول، فكانت الساعات تمضي الواحدة تلو الأخرى فلا تجدني إلا في نفس الحال نائمة أو مستلقية على فراشي الذي كنت قليلا ما أفارقه.        لا زلت أذكر صورة علبة الدواء المكعبة الشكل التي تعددت ألوانها وحسن مظهرها، لكن ذلك لم يكن سوى خدعة توهم العين بلذة الطعم، فما إن يستقبله اللسان حتى ينفر من مذاقه الذي يبعث على الغثيان، كان تناوله بمثابة كابوس عذاب بالنسبة إلي..