التخطي إلى المحتوى الرئيسي

الحكاية رقم ((22))

هاشم زايد يجلس إلى جانبي على قمطر واحد.

طويل القامة ، مفتول العضلات ، ولكنه وديع خجول ، وطيب وحسن السلوك . أمه أرملة غنية تمتلك بيوت زقاق برمته ، وشريكة أكبر عطار في الحارة ، لذلك نخصه بنظرة تجمع بين الإعجاب والحسد . تتهادى إليه نكات ابراهيم توفيق من وراء فلا يملك إلا أن يضحك ، فيراه المدرس دون الفاعل الحقيقي ، فينال جزاءه صفعة ، أو لكمة ، أو ركلة باستسلام التلميذ المؤدب.حكايات حارتنا

ويفشل هاشم في المدرسة فيتركها ، وتموت أمه فيصير من أكبر أعيان الحارة في لحظة واحدة . وتفرق بيننا السبل . أراه أحيانا مستقلا (الكارتة) أو جالسا في ملابسه البلدية وسط هالة من المريدين . إنه يتحول إلى شخصية غريبة فأتجنب حتى مصافحته . إنه يتكبر ويتعالى ويستثمر قوته في العدوان وفرض إرادته على العباد . كيف يتحول الصبي الخجول الطيب إلى وحش شرس؟ … إني أتفكر وأتخيل دون جدوى..

لا يمر يوم في حياته بلا معركة ، اللكمة عنده أسرع من الكلمة ، و (النبوت) مفضل على اللكمة ، ويحل بالمكان فيتجنبه الناس كأنه وباء..

لو امتد زمن الفتوات إلى زمان لفرض نفسه فتوة ، وهو يزعج القسم كما يزعج الحارة ، ويبيت أياما بسجن (النقطة) ، ولكنه يرشو المخبرين وشيخ الحارة.

تحف به دائما بطانة ولكن لا صديق له ، ولم يتزوج رغم ثرائه . وعلاقته بذكرى أمه مثيرة محيرة ، يتذكرها أحيانا بحزن عميق ، ويتنزل على روحها الرحمات ، وأحيانا ينتقدها بمرارة وسخرية ، يقول :

- كانت بخيلة شحيحة ، تهمل نفسها لحد القذارة ، وتعامل الخدم بقسوة جنونية..

ويغالي مرة في الحملة عليها ، ثم – فجأة – يجهش في البكاء ، ينسى نفسه تماما ، ويجهش في البكاء ، ثم ينتبه لضعفه فيضحك ، ولكنه يصب غضبه على جميع من شهد دموعه ، ويبدو أنه يضمر لهم أ و أنه سيضمر لهم السوء..

ويختفي هاشم زايد من الحارة ومن البيت ، وتطول غيبته حتى يغيب رويدا في ظلمة النسيان ، وتسمع من يقول إنه هاجر ، وتسمع من يهمس بأنه قتل وأخفيت جثته.

نجيب محفوظ . (حكايات حارتنا) الحكاية رقم 22 – ص ص : 47 – 48

 

*ملاحظة النص واستكشافه :

1- العنوان : مركب إسنادي يتكون من ثلاث كلمات تشير الأولى منها إلى نوع النص (حكاية) وتشير الثانية و الثالثة إلى ترتيب هذه الحكاية (رقم 22)

2- بداية النص : تبتدىء باسم إحدى الشخصيات (هاشم زايد) ، ولعلها الشخصية الرئيسية في النص. كما تشير إلى بعض صفات هذه الشخصية.

3- نهاية النص : تشير إلى مصير (هاشم زايد) وورود اسمه هنا أيضا ، يؤكد فرضيتنا السابقة من كونه الشخصية الرئيسية في النص.

4- الصورة المرفقة : هي صورة غلاف المؤلف الذي أخذت منه الحكاية رقم ((22)) ، ويظهر فيها العنوان بخط بارز وأسفله اسم المؤلف نجيب محفوظ ، وفي خلفية الصورة تظهر وجوه متعددة ذات ملامح مختلفة للدلالة على تعدد شخصيات المؤلف وتنوع وضعياتها.

5- نوعية النص : نص حكائي / سردي ذو بعد اجتماعي.

 

* فهم النص :

1- الإيضاح اللغوي :

- تتهادى : تسير سيرا متمايلا ، والمقصود أن النكت تصل إليه وتتناهى إليه بشكل مضحك

- تحف به : تحيط به وتلتف حوله

- يغالي : يبالغ ويجاوز الحد

- الحملة : الهجمة والانتقام

2- الحدث الرئيسي :

تغير شخصية هاشم زايد بشكل سلبي بعد انقطاعه عن الدراسة وووفاة أمه

 

* تحليل النص :

1- الأحداث حسب تسلسلها :

أ- وصف السارد  زميله هاشم زايد من الناحية الجسمية والنفسية والاجتماعية.

ب- تحول (هاشم زايد) ، بعد انقطاعه عن الدراسة ، إلى شخص عدواني مع الناس

ج- اختفاء هاشم زايد في ظروف غامضة.

2- الموصوف الرئيسي والموصوفات الفرعية :

الموصوف الرئيسي

الــــــمـــــوصـــــــــوفـــــــــــــات الفـــــــرعـــــيــــــــــــــة

 

هاشم زايد

* الأوصاف الجسمية : طويل القامة – مفتول العضلات – ملابسه البلدية

* الأوصاف النفسية : وديع – خجول – طيب – حسن السلوك --- متكبر – متعالي - عدواني – وحش شرس…

* الأوصاف الاجتماعية :
أمه أرملة غنية – يتجنبه الناس – يرشو المخبرين وشيخ الحارة

3- إيقاع السرد :

يحكي السارد بإيقاع سريع ، حيث استعرض حياة هاشم زايد (من الدراسة إلى الاختفاء) واختزلها في بضعة أحداث..

 

* التركيب والتقويم :

يحكي النص عن شخص يدعى هاشم زايد وهو زميل السارد ، وقد عرف هذا الشخص بخجله وطيبته في فترة دراسته ، ولكن بعد انقطاعه عنها تحول إلى شخص عدواني يتحاشاه كل الناس في حارته .. وقد ورث ثروة عن والدته التي توفيت ..ورغم ذلك لم يتزوج ..وتمضي الأيام ليختفي هاشم زايد عن الحارة في ظروف غامضة.

- استنتاجات :

- يعالج النص موضوعا اجتماعيا ونفسيا..فالوضعية الاجتماعية لهاشم زايد ساهمت في تغيير وضعيته النفسية

- يقدم السارد نماذج من الظواهر الاجتماعية المتفشية داخل مجتمعنا ، ومنها ظاهرة الرشوة (يرشو المخبرين وشيخ الحارة)

- وظف السارد العامية المصرية ليربط النص ببيئته المصرية من جهة ولضمان قراءته من طرف شريحة واسعة من القراء.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

نموذج من إنشاءات التلاميذ في مهارة كتابة اليوميات

نص الموضوع : اكتب يومية تتحدث فيها عن أفضل يوم أو أسوأ يوم مر معك خلال العطلة الصيفية الأخيرة مطبقا ما درسته في مهارة كتابة اليوميات. --------------------------------- نموذج من إنجاز التلميذة : سلمى أصياد  - الثالثة : 4 السبت الأول من شهر رمضان المبارك لسنة 1435هـ / 2014م في صباح هذا اليوم كانت الساعة العاشرة صبحا، استدعينا أنا وأمي لمؤسستي لاستلام جائزة تفوقي. كنت سعيدة جدا، عندما دخلنا المؤسسة قادنا الحارس العام إلى قاعة الأساتذة، وجدناها ممتلئة بالتلاميذ وأولياء أمورهم وأطر المؤسسة. بعد نصف ساعة نودي علي فاستلمت الجائزة والتقطت صورا للذكرى. رجعنا إلى المنزل وفي الطريق كنت أحدث نفسي بأن الله لا يضيع من عمل بصدق نية. في المساء في مساء ذلك اليوم كنا قد أعددنا فطورا جماعيا في الفرع الكشفي الذي أنتمي إليه. ذهبت على الساعة الرابعة للمساعدة في التحضيرات، كان عملا متعبا، وقلت في نفسي ياليتني لم أحضر حتى موعد الأذان ، فقد كنت متعبة جدا ولكن فرحة أيضا ، فقد تخلل التحضيرات نوبات من الضحك والمزاح. لكن لم يذهب تعبنا سدى، فقد فوجئ القادة بطريقة تزييننا للقاعة. قبيل الأذان بقليل اجتمعنا لسماع القر

مهارة كتابة سيرة ذاتية أوغيرية (التصحيح)

- الثانوية الإعدادية : …………………...     - الموسم الدراسي : 2011 / 2012 - مادة اللغة العربية                                   - مكون التعبير والإنشاء ( أنشطة الإنتاج ) - اسم التلميذ : - القسم : - الرقم الترتيبي : التخيل والإبداع : التدريب على مهارة كتابة سيرة ذاتية أو غيرية            نص الموضوع :            يقيم كل واحد منا عبر مراحل من حياته علاقة صداقة مع أصدقاء له يشاطرونه أفراحه وأتراحه ، ويشيعون في وجدانه الإحساس بدفء الروابط الإنسانية.            اكتب مرحلة من سيرتك الذاتية تسرد فيها طبيعة العلاقة التي ربطتك ببعض أصدقائك. نموذج مقترح :               من إنجاز التلميذة : وصال خراز                               الثالثة : 1        في صغري ، كل ما أتذكره أني كنت أصادق العديد من الصبيان ، إذ أنني لا أتفق مع البنات . كان لي عدة أصدقاء ، وجميعهم أولاد باستثناء واحدة كان اسمها “سكينة” .. كنا لا نفترق ، تجمعنا أواصر الأخوة والمحبة ، نسبح في بحر من الأحلام ، وجل كلامنا كان عن أحلامنا ومتمنياتنا للكبر..        كان كل ما نطلبه أن

نموذج لسيرة ذاتية حول المعاناة مع المرض

      نص الموضوع :     ألم بك في يوم من الأيام ، مرض عانيت منه لمدة ما. اسرد تجربة معاناتك مع هذا المرض وفق ما اكتسبته من خطوات كتابة سيرة ذاتية. --------------------------------------------------------------------------------        شاءت الأقدار في أحد الأيام أن ألم بي مرض قدر لي أن أعاني منه لفترة. لا أدري ما كان ذلك المرض، لكن ما أذكره أن الحمى مرفوقة بالسعال والزكام كانوا قد اتحدوا فأنهكوا قوى مناعتي ، وألزموني الفراش لأيام معدودات...        ظننت في البداية أنها مجرد نزلة برد ستحل علي ضيفا خفيفا ثم تمضي لحالها، لكن سرعان ما تجهز المرض فأحكم قبضته علي. وبذلك انطفأ نور النشاط والحيوية اللذين كانا يدبان في نفسي، وحل محلهما العياء والخمول، فكانت الساعات تمضي الواحدة تلو الأخرى فلا تجدني إلا في نفس الحال نائمة أو مستلقية على فراشي الذي كنت قليلا ما أفارقه.        لا زلت أذكر صورة علبة الدواء المكعبة الشكل التي تعددت ألوانها وحسن مظهرها، لكن ذلك لم يكن سوى خدعة توهم العين بلذة الطعم، فما إن يستقبله اللسان حتى ينفر من مذاقه الذي يبعث على الغثيان، كان تناوله بمثابة كابوس عذاب بالنسبة إلي..