التخطي إلى المحتوى الرئيسي

غاية الفن

إيقاظ النفس : ذلك هو الهدف النهائي للفن ، و ذلك هو المفعول الذي يفترض فيه أن يسعى إلى الوصول إليه . و ذلك هو ما يتوجب علينا أن نهتم به في المقام الأول .
إن الفن يكشف للنفس عن كل ما هو جوهري و عظيم وسام و جليل و حقيقي كامن فيها . إنه يزودنا ، من جهة أولى ، بتجربة الحيات الواقعية ، و ينقلها إلى مواقف لا نعرف شبيها لها في تجربتنا الشخصية و قد لا
تحليل النص القرائي ((غاية الفن)) نعرفه أبدا . كما ينقل إلينا تجارب الأشخاص الذين يمثلهم , و بفضل مشاركتنا في ما يقع لهؤلاء الأشخاص نصبح ، من جهة أخرى ، قادرين على أن نحس إحساسا أعمق بما يجري في داخلنا . إنه يوقظ فينا مشاعر راقدة ، يضعنا في حضرة اهتمامات الروح الحقيقية . و هو يفعل فعله هذا من خلال تحريكه جميع المشاعر التي تجيش في النفس الإنسانية في عمقها و غناها و تنوعها . و بدمجه كل ما يجري في المناطق الباطنة من النفس في حقل تجربتنا ، بغض النظر عما إذا كان المضمون الذي يقدمه يجد مصدره في مواقف و مشاعر واقعية ، أم أن الأمر لا يعدو أن يكون مجرد تخييل .
وبفضل الفن تتاح لنا القدرة على أن نكون الشهود المحزونين على الفظائع كافة ، و على أن نحس بالأهوال و المخاوف جميعا ، و على أن تهتز أوتارنا بالانفعالات قاطبة . يستطيع الفن أن يرفعنا إلى علو كل ما هو نبيل و سام و حقيقي ، و أن يحفزنا إلى حد الإلهام و الحماسة ، كما يستطيع أن يغرقنا في أعماق الحسية و في أخس الأهواء ، و أن يغمرنا في جو من الشهوانية ، و أن يتركنا حيارى ، مسحوقين أمام مخيلة منفلتة من عقالها تزاول نشاطها بلا قيد أو كابح . فهو يستطيع أن ينفخ فينا الحماسة و الحمية للجمال و السمو قدرته على الانحطاط بنا و أثارة أعصابنا بتهييجه الجانب الحسي و الشهواني فينا .
ولا ننكر وجود اختلاف جوهري بصدد الاتجاه الذي يتوجب على الفن أن يسلكه حتى يبلغ هدفه الحقيقي و الجوهري . فالمضامين القادرة على تحريك أنفسنا متباينة ، و على الفن أن يقوم باختيار بين هذه المضامين . و حتى يقوم بهذا الاختيار ينبغي أن يمتلك معيارا دقيقا واضحا يتناسب مع ما يعتبره مقصده الحقيقي . و إذا أردنا أن نحدد هذا المقصد بشكل يمكن معه لأي عمل فني أن يأخذ به ، أمكن القول أن هدف الفن هو تلطيف الهمجية بوجه عام ... و فوق هذا الهدف يقع هدف تهذيب الأخلاق الذي أعتبر لردح طويل من الزمن أسمى الأهداف .

هيغل : المدخل إلى علم الجمال . ترجمة جورج طرابيشي – دار الطليعة – بيروت ، ط 2 / 1988 . ص : 45 – 50 بتصرف
*ملاحظة النص واستكشافه :
1- العنوان : مركب إضافي يتكون من كلمتين تنتمي الثانية منهما إلى المجال الفني. ويدل العنوان على هدف الفن ومقصده الذي يسعى إليه.
2- الصور المرفقة : تمثل لوحات تشكيلية لبعض الفنانين المغاربة ، وتنسجم مع العنوان لأن الفن التشكيلي نموذج ومثال حي عن الفنون الهادفة التي لها غاية في الحياة.
3- بداية النص : لم يتكرر فيها العنوان بصيغته اللفظية ، إلا أن صيغته المعنوية تجد صداها في عبارات مثل : (الهدف النهائي – …أن يسعى للوصول إليه).
4- نهاية النص : تبدو نهاية النص أكثر ارتباطا بالعنوان لأنها تضمن تكرارا لكلمة (هدف) أكثر من مرة واحدة : مرتين بصيغة المفرد ، ومرة بصيغة الجمع (أسمى الأهداف)
5- نوعية النص : مقالة فلسفية / تفسيرية ذات بعد فني / ثقافي

* فهم النص :
1- الإيضاح اللغوي :
- جوهري : الأساسي ، الضروري ، ضد : العرضي
- تجيش : تهتز ، تضطرب ، تهيج ، تفيض…
- تهذيب : تحسين ، تربية ، إصلاح
2- الفكرة المحورية :
يتحدث النص عن أهمية الفن وقدرته التأثيرية ، وغايته التي يسعى إلى تحقيقها.

* تحليل النص :
1- الأفكار الأساسية :
أ- يسعى الفن إلى الكشف عن المعاني السامية والحقيقية ونقل التجارب والمواقف بغاية إيقاظ النفس وتحريك مشاعرها.
ب- للفن قدرة كبيرة على التأثير في النفس و تحريك الأحاسيس والانفعلات المختلفة.
ج- دعوة الكاتب إلى انتقاء المضامين الفنية الكفيلة بتحقيق غاية الفن المتمثلة في تلطيف الهمجية وتهذيب الأخلاق.

2- الحقول الدلالية :
الألفاظ والعبارات الدالة على قدرة الفن على السمو بالنفس
الألفاظ والعبارات الدالة على قدرة الفن على الانحطاط بالنفس
يستطيع الفن أن يرفعنا إلى علو… – أن يحفزنا – الإلهام – الحماسة – الحمية – الجمال – السمو… يستطيع أن يغرقنا… – أخس الأهواء – مسحوقين – منفلتة – بلا قيد أو كابح – الشهوانية – حيارى – إثارة أعصابنا…

* التركيب والتقويم :
يمكن تركيب أهم الأفكار التي جاء بها النص في الجدول التالي :
الأهداف والغايات
الوسائل
القدرات ومكامن القوة
- إيقاظ النفس
- تلطيف الهمجية
- تهذيب الأخلاق
– الكشف عن الحقائق
- نقل التجارب والمواقف
- انتقاء المضامين الفنية الجيدة
- يستطيع الفن أن يرفعنا…
- يستطيع الفن أن يحفزنا…
- يستطيع الفن أن يغرقنا…
- يستطيع الفن أن يغمرنا….
- يستطيع الفن أن يتركنا حيارى….
- قيمة النص :
يتضمن النص قيمة فنية تربوية تتمثل في الدور الذي يساهم به  الفن في إيقاظ النفس وتحريك المشاعر ، وسعيه إلى تهذيب النفوس والقضاء على الهمجية.

تعليقات

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

نموذج من إنشاءات التلاميذ في مهارة كتابة اليوميات

نص الموضوع : اكتب يومية تتحدث فيها عن أفضل يوم أو أسوأ يوم مر معك خلال العطلة الصيفية الأخيرة مطبقا ما درسته في مهارة كتابة اليوميات. --------------------------------- نموذج من إنجاز التلميذة : سلمى أصياد  - الثالثة : 4 السبت الأول من شهر رمضان المبارك لسنة 1435هـ / 2014م في صباح هذا اليوم كانت الساعة العاشرة صبحا، استدعينا أنا وأمي لمؤسستي لاستلام جائزة تفوقي. كنت سعيدة جدا، عندما دخلنا المؤسسة قادنا الحارس العام إلى قاعة الأساتذة، وجدناها ممتلئة بالتلاميذ وأولياء أمورهم وأطر المؤسسة. بعد نصف ساعة نودي علي فاستلمت الجائزة والتقطت صورا للذكرى. رجعنا إلى المنزل وفي الطريق كنت أحدث نفسي بأن الله لا يضيع من عمل بصدق نية. في المساء في مساء ذلك اليوم كنا قد أعددنا فطورا جماعيا في الفرع الكشفي الذي أنتمي إليه. ذهبت على الساعة الرابعة للمساعدة في التحضيرات، كان عملا متعبا، وقلت في نفسي ياليتني لم أحضر حتى موعد الأذان ، فقد كنت متعبة جدا ولكن فرحة أيضا ، فقد تخلل التحضيرات نوبات من الضحك والمزاح. لكن لم يذهب تعبنا سدى، فقد فوجئ القادة بطريقة تزييننا للقاعة. قبيل الأذان بقليل اجتمعنا لسماع القر

مهارة كتابة سيرة ذاتية أوغيرية (التصحيح)

- الثانوية الإعدادية : …………………...     - الموسم الدراسي : 2011 / 2012 - مادة اللغة العربية                                   - مكون التعبير والإنشاء ( أنشطة الإنتاج ) - اسم التلميذ : - القسم : - الرقم الترتيبي : التخيل والإبداع : التدريب على مهارة كتابة سيرة ذاتية أو غيرية            نص الموضوع :            يقيم كل واحد منا عبر مراحل من حياته علاقة صداقة مع أصدقاء له يشاطرونه أفراحه وأتراحه ، ويشيعون في وجدانه الإحساس بدفء الروابط الإنسانية.            اكتب مرحلة من سيرتك الذاتية تسرد فيها طبيعة العلاقة التي ربطتك ببعض أصدقائك. نموذج مقترح :               من إنجاز التلميذة : وصال خراز                               الثالثة : 1        في صغري ، كل ما أتذكره أني كنت أصادق العديد من الصبيان ، إذ أنني لا أتفق مع البنات . كان لي عدة أصدقاء ، وجميعهم أولاد باستثناء واحدة كان اسمها “سكينة” .. كنا لا نفترق ، تجمعنا أواصر الأخوة والمحبة ، نسبح في بحر من الأحلام ، وجل كلامنا كان عن أحلامنا ومتمنياتنا للكبر..        كان كل ما نطلبه أن

نموذج لسيرة ذاتية حول المعاناة مع المرض

      نص الموضوع :     ألم بك في يوم من الأيام ، مرض عانيت منه لمدة ما. اسرد تجربة معاناتك مع هذا المرض وفق ما اكتسبته من خطوات كتابة سيرة ذاتية. --------------------------------------------------------------------------------        شاءت الأقدار في أحد الأيام أن ألم بي مرض قدر لي أن أعاني منه لفترة. لا أدري ما كان ذلك المرض، لكن ما أذكره أن الحمى مرفوقة بالسعال والزكام كانوا قد اتحدوا فأنهكوا قوى مناعتي ، وألزموني الفراش لأيام معدودات...        ظننت في البداية أنها مجرد نزلة برد ستحل علي ضيفا خفيفا ثم تمضي لحالها، لكن سرعان ما تجهز المرض فأحكم قبضته علي. وبذلك انطفأ نور النشاط والحيوية اللذين كانا يدبان في نفسي، وحل محلهما العياء والخمول، فكانت الساعات تمضي الواحدة تلو الأخرى فلا تجدني إلا في نفس الحال نائمة أو مستلقية على فراشي الذي كنت قليلا ما أفارقه.        لا زلت أذكر صورة علبة الدواء المكعبة الشكل التي تعددت ألوانها وحسن مظهرها، لكن ذلك لم يكن سوى خدعة توهم العين بلذة الطعم، فما إن يستقبله اللسان حتى ينفر من مذاقه الذي يبعث على الغثيان، كان تناوله بمثابة كابوس عذاب بالنسبة إلي..