التخطي إلى المحتوى الرئيسي

مسيرة امرأة

     يكمن نجاحي المهني في الصورة الإيجابية التي وجدتها في المحيط الذي عشت فيه، والتي حفزتني على الانطلاق قدما إلى الأمام. وأنا مدينة بهذا النجاح لعدة أشخاص وعدة عوامل.
فأنا مدينة بنجاحي، أولا إلى أبوي، وخاصة أبي الذي كان يردد دائما، عدم وجود أي فرق بين البنت والولد، وقد كانت أمنيته أن يرى بناته يواصلن دراستهن إلى أبعد الحدود. كان موقفه هذا محفزا لي بصفتي أكبر بناته، ودفعني كي أكون في مستوى تطلعاته.
     وأنا مدينة بنجاحي كذلك إلى زوجي الذي لم ينصع لأداء الدور التقليدي لزوج تخدمه زوجته، والذي قبل بمحض إرادته أن يعيش مع امرأة مهنية، مع كل ما يلزم هذا الوضع من اقتسام المهام داخل البيت وتوزيع المسؤوليات في تربية الأطفال، وتدبير الوقت قصد تخصيص جزء منه للبحث والدراسة. يرجع نجاحي إلى مجهوداتي الشخصية وإلى مزاجي الذي يرفض الاستسلام، مما جعل من العمل شغفا بالنسبة لي.
في بداية شبابي، كان علي أن أتخطى أسوار خجلي. ولم يتيسر لي ذلك عندما توضح لي أن المجتمع والعائلة،تلقائيا، لا يربيان الفتيان والفتيات بنفس الطريقة، إذ غالبا ما تربى البنات على الحشمة والوقار، وهي سمة حيائهن وتخلقهن. فأصبح التحدي، بالنسبة لي، هو خرق الحاجز النفسي للصمت وتناول الكلمة في أماكن عمومية ومهنية، غالبا ما تكون ذكورية. وعندما حطمت هذا الحاجز شعرت بحرية، وحريتي المكتسبة هذه هي أبطلت مفعول النظرات المعادية للأنوثة المصوبة نحوي.
     لقد تبين لي، مع الوقت، أن الحاجز الأساس الذي كان يقف ضد تقدمي، كان في ذاتي، وأن التخلص منه أساس أول خطوة لتغيير محيطي الاجتماعي وتغيير صورة المرأة حولي، والإسهام في تغيير نظرة المجتمع للنساء.
إن التحولات المتعلقة بوضعية المرأة هي تحولات لا رجعة فيها. لقد انطلق مسلسل التغيير على مستوى الواقع المعيش للنساء. حيث أصبح حضورهن مكثفا أكثر فأكثر في سوق العمل، مع استثمار مجالات جديدة في هذا الميدان. وأحدث هذا انقلابا في العلاقات بين الجنسين خارج الأسرة وداخلها. كذلك أصبحت النساء المهنيات ينتظمن، حيث خرجت للوجود جمعيات مهنية نسائية عديدة.
     ولكن، مع ذلك، لم يسمح بروز النساء في مختلف المجالات المهنية بتعددهن في مناصب المسؤولية والقرار. ويعزى هذا لعدة أسباب نذكر منها : التنافس حول مناصب ((السلطة)) ، والصعوبة في إرساء ثقافة ا((الاستحقاق)) ، بالإضافة إلى الأفكار المسبقة المعششة في العقليات الاجتماعية ، والتي تروج صورا سلبية عن النساء. لكن وعي النساء المهنيات يمثل في حد ذاته عنصرا حافزا على التغيير.
رحمة بورقية ، عن "النساء الموظفات في المغرب" . ص/ص 81-83 ، (بتصرف)


 * بطاقة التعريف بالكاتبة : [رحمة بورقية]
مراحل من حياتها :
أعمالها :
- ولدت بالخميسات سنة 1949
- حصلت على شهادة الثانوية من مدرسة ابن الخطيب
- التحقت بكلية محمد الخامس في الرباط لدراسة الفلسفة
- حصلت على شهادة في علم الاجتماع
- نالت الدوكتوراه في علم الاجتماع من منشستر في المملكة المتحدة سنة 1987
-عملت في مجال التعليم مدرسة لمادة الفلسفة في مرحلة الثانوية ثم مدرسة لعلم الاجتماع في جامعة محمد الخامس
- تشغل حاليا منصبا ساميا بالتعليم العالي
- تعتبر خبيرة في مجال حقوق المرأة في المغرب والعالم العربي.
- شاركت في اللجنة الوطنية التي أنيط بها إصلاح مدونة الأسرة سنة 2003
للباحثة رحمة بورقية مجموعة من المراجع والمقالات التي كتبت باللغة العربية والفرنسية والإنجليزية ومنها :
- الدولة ، السلطة والمجتمع
- النساء ، ثقافة ومجتمع المغرب العربي
- المرأة والخصوبة
- المجتمع ، الأسرة ، المرأة ، والشباب
- التراتبية الاجتماعية
- القيم : التحولات والآفاق
- النساء الموظفات في المغرب

* ملاحظة النص واستكشافه :
1- العنوان :
- تركيبيا : يتكون عنوان النص من كلمتين تكونان فيما بينهما مركبا إضافيا من نوع الإضافة المعنوية التي تفيد التخصيص
- معجميا : ينتمي العنوان إلى المجال الاجتماعي
- دلاليا :  - مسيرة : سير وقطع لمسافة معينة  وفي قاموس المعاني نجد الدلالة التالية للمسيرة “ المسيرة شبه مظاهرة يسير فيها جماعة من الناس تأييدا لحكم أو مطلب أو شجبا له.”
          - المرأة : أنثى الرجل ، فرد من أفراد المجتمع
*** يتضح مما سبق أن العنوان يدل على المراحل التي قطعتها امرأة ما في مجال من المجالات ، ويفترض أن يكون هذا المجال هو المجال الاجتماعي.
2- بداية النص :
إذا ربطنا العنوان ببداية النص نكتشف الصفة المميزة لمسيرة هذه المرأة وهي : النجاح المهني
3- مصدر النص :
إذا ربطنا العنوان بمصدر النص يكون بإمكاننا أن نعيد صياغته (أي العنوان)على الشكل التالي :
                                   “ مسيرة امرأة موظفة بالمغرب”
4- نوعية النص :
مقطع من سيرة ذاتية ذات بعد اجتماعي.

* فهم النص :
1- الإيضاح اللغوي :
- تطلعاته : آماله ، وطموحاته
- لم ينصع : لم يعترف ولم يؤدّ
- تدبير الوقت : تنظيمه وحسن تسييره
- يُعزى : يعود ويرجع سببه إلى…
- ثقافة الاستحقاق : تقصد بها الكاتبة الوعي بأن المهن يجب أن تسند إلى من يستحقها ذكرا كان أو أنثى
2- الحدث الرئيسي :
نجاح الساردة في مسيرتها المهنية بفعل مجموعة من العوامل الذاتية والموضوعية

* تحليل النص :
1- أحداث النص :
- ترجع الساردة أسباب نجاحها المهني إلى محيطها العائلي المتفهم
- تمة عامل آخر ساعد على نجاح الساردة وهو قدرتها على تحطيم القيود التي تعيق حريتها
- ترى الساردة أن  ما حققته المرأة من تقدم ومكاسب في مجال العمل ، لم يشفع لها لتكون حاضرة بشكل لافت في مراكز السلطة والمسؤولية ، وترجع ذلك لعدة أسباب.
2- الألفاظ والعبارات الدالة على مجال النص (المجال الاجتماعي) :
- المحيط الذي عشت فيه – أبويَ – بناته – زوجي – … زوج تخدمه زوجته – امرأة – البيت – تربية الأطفال – المجتمع والعائلة – محيطي الاجتماعي – نظرة المجتمع للنساء – الأسرة – العقليات الاجتماعية…
3- نوع الرؤية السردية :
الرؤية مع أو الرؤية المصاحبة :        الساردة = الشخصية الرئيسية
4- العامل المساعد والعامل المعرقل :
العامل المساعد الساردة : رحمة بورقية العامل المعرقل
              [ - المحيط العائلي                                                       [ – الخجل
            [ – المجهودات الشخصية                                                 [ – غياب ثقافة الاستحقاق
           [ – رفض الاستسلام وحب العمل                                        [ – الأفكار المسبقة…

 * التركيب والتقويم :
       رغم كل العراقيل التي واجهت الساردة في حياتها إلا أنها استطاعت أن تتخطاها وترسم لنفسها مسارا ناجحا في المجال المهني ، ذلك النجاح الذي ساهم فيه محيطها العائلي المتفهم الذي تعترف له بالفضل الكبير في ما حققته من إنجازات في حياتها. ولم تغفل الساردة عاملا آخر في هذا النجاح وهو مجهوداتها الشخصية وقدرتها على المواجهة وعلى خرق الحواجز النفسية التي تعيق تقدمها.
       إن ما حققته الساردة وغيرها من نساء المغرب ، تعتبره الساردة مكسبا لارجوع عنه..غير أن ذلك لم يشفع لهن في تقلد مناصب متعددة في مجال المسؤولية والقرار. وذلك راجع حسب رأيها إلى غياب ثقافة الاستحقاق ، والأفكار السلبية المسبقة عن النساء.
*** يتضمن النص قيمة اجتماعية تتمثل في إبراز مكانة المرأة في المجتمع ، وقدرتها على تخطي كل القيود الاجتماعية ، وفرض وجودها إلى جانب الرجل.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

نموذج من إنشاءات التلاميذ في مهارة كتابة اليوميات

نص الموضوع : اكتب يومية تتحدث فيها عن أفضل يوم أو أسوأ يوم مر معك خلال العطلة الصيفية الأخيرة مطبقا ما درسته في مهارة كتابة اليوميات. --------------------------------- نموذج من إنجاز التلميذة : سلمى أصياد  - الثالثة : 4 السبت الأول من شهر رمضان المبارك لسنة 1435هـ / 2014م في صباح هذا اليوم كانت الساعة العاشرة صبحا، استدعينا أنا وأمي لمؤسستي لاستلام جائزة تفوقي. كنت سعيدة جدا، عندما دخلنا المؤسسة قادنا الحارس العام إلى قاعة الأساتذة، وجدناها ممتلئة بالتلاميذ وأولياء أمورهم وأطر المؤسسة. بعد نصف ساعة نودي علي فاستلمت الجائزة والتقطت صورا للذكرى. رجعنا إلى المنزل وفي الطريق كنت أحدث نفسي بأن الله لا يضيع من عمل بصدق نية. في المساء في مساء ذلك اليوم كنا قد أعددنا فطورا جماعيا في الفرع الكشفي الذي أنتمي إليه. ذهبت على الساعة الرابعة للمساعدة في التحضيرات، كان عملا متعبا، وقلت في نفسي ياليتني لم أحضر حتى موعد الأذان ، فقد كنت متعبة جدا ولكن فرحة أيضا ، فقد تخلل التحضيرات نوبات من الضحك والمزاح. لكن لم يذهب تعبنا سدى، فقد فوجئ القادة بطريقة تزييننا للقاعة. قبيل الأذان بقليل اجتمعنا لسماع القر

مهارة كتابة سيرة ذاتية أوغيرية (التصحيح)

- الثانوية الإعدادية : …………………...     - الموسم الدراسي : 2011 / 2012 - مادة اللغة العربية                                   - مكون التعبير والإنشاء ( أنشطة الإنتاج ) - اسم التلميذ : - القسم : - الرقم الترتيبي : التخيل والإبداع : التدريب على مهارة كتابة سيرة ذاتية أو غيرية            نص الموضوع :            يقيم كل واحد منا عبر مراحل من حياته علاقة صداقة مع أصدقاء له يشاطرونه أفراحه وأتراحه ، ويشيعون في وجدانه الإحساس بدفء الروابط الإنسانية.            اكتب مرحلة من سيرتك الذاتية تسرد فيها طبيعة العلاقة التي ربطتك ببعض أصدقائك. نموذج مقترح :               من إنجاز التلميذة : وصال خراز                               الثالثة : 1        في صغري ، كل ما أتذكره أني كنت أصادق العديد من الصبيان ، إذ أنني لا أتفق مع البنات . كان لي عدة أصدقاء ، وجميعهم أولاد باستثناء واحدة كان اسمها “سكينة” .. كنا لا نفترق ، تجمعنا أواصر الأخوة والمحبة ، نسبح في بحر من الأحلام ، وجل كلامنا كان عن أحلامنا ومتمنياتنا للكبر..        كان كل ما نطلبه أن

نموذج لسيرة ذاتية حول المعاناة مع المرض

      نص الموضوع :     ألم بك في يوم من الأيام ، مرض عانيت منه لمدة ما. اسرد تجربة معاناتك مع هذا المرض وفق ما اكتسبته من خطوات كتابة سيرة ذاتية. --------------------------------------------------------------------------------        شاءت الأقدار في أحد الأيام أن ألم بي مرض قدر لي أن أعاني منه لفترة. لا أدري ما كان ذلك المرض، لكن ما أذكره أن الحمى مرفوقة بالسعال والزكام كانوا قد اتحدوا فأنهكوا قوى مناعتي ، وألزموني الفراش لأيام معدودات...        ظننت في البداية أنها مجرد نزلة برد ستحل علي ضيفا خفيفا ثم تمضي لحالها، لكن سرعان ما تجهز المرض فأحكم قبضته علي. وبذلك انطفأ نور النشاط والحيوية اللذين كانا يدبان في نفسي، وحل محلهما العياء والخمول، فكانت الساعات تمضي الواحدة تلو الأخرى فلا تجدني إلا في نفس الحال نائمة أو مستلقية على فراشي الذي كنت قليلا ما أفارقه.        لا زلت أذكر صورة علبة الدواء المكعبة الشكل التي تعددت ألوانها وحسن مظهرها، لكن ذلك لم يكن سوى خدعة توهم العين بلذة الطعم، فما إن يستقبله اللسان حتى ينفر من مذاقه الذي يبعث على الغثيان، كان تناوله بمثابة كابوس عذاب بالنسبة إلي..