التخطي إلى المحتوى الرئيسي

بائعة الكبريت


     كان البرد شديدا جدا والثلج يتساقط في تلك الأمسية ،  وفي ذلك البرد القارس و الظلام الشديد كانت طفلة تجوب الشوارع  ، مكشوفة الرأس حافية القدمين.  إنها لم تكن حافية حينما غادرت بيتها ، لقد كان في قدميها حذاءا ،  و لكنهما لم يكونا يفيدانها. كانا في الأصل حذاءين لوالدتها ،  و كانا واسعين ممزقين ،  و لذلك سقطا من قدميها ،  بينما كانت تحاول أن تعبر الشارع بسرعة ،  لتتجنب الوقوع بين عربتين كادتا تتصادمان.  و عادت تبحث عنهما فوجدتهما قد اختفيا ، وهكذا اضطرت أن تسير حافية .  وكانت تحمل في ثوبها عددا من علب الكبريت ، وفي يدها واحدة منها ،  ومضى النهار كله ولم تبع علبة واحدة ، ولم يحسن أحد إليها بمال ، وهي تعاني الجوع والبرد ، وتورم خداها ، وأخذ الثلج يتساقط على شعرها الأشقر الطويل ، الذي تناثر على عنقها خصلا جميلة.
النص القرائي بائعة الكبريت       وفي زاوية بين بيتين جلست الطفلة ،  وثنت ساقيها تحتها لتدفئهما،  ولم تكن تجرؤ على العودة إلى البيت بعلب الكبريت التي لم تبع منها شيئا خوفا من ضرب أبيها. 
        كادت يداها الصغيرتان تيبسان من شدة البرد ، وذكرت الكبريت وما فيه من دفء فتناولت عودا وأشعلته ، كان ضوؤه جميلا يبعث الحرارة ، وكان أشبه بشمعة صغيرة ، وبعث شعلة الدفء في اليدين الصغيرتين المتجمدتين ، وخيل إليها، و الضوء يتراقص بين يديها أنها جالسة بجانب مدفأة حديدية كبيرة ، و النار تشتعل فيها متصلة هادئة . وأخذت الطفلة تمد ساقيها لينالهما الدفء أيضا ، ولكن الشعلة انطفأت واختفت المدفاة الحديدية الكبيرة التي تراءت في خيال الطفلة الساذج ، ووجدت نفسها وليس في يدها غير عود الكبريت المحترق ، فأشعلت عودا آخر ، وعادت الطفلة فأشعلت عودا ثالثا ، فأنار كل ما حولها،  وفي ضوئه تراءت لها جدتها العجوز ، تشع بالنور، طيبة حنونا كما كانت دائما، فهتفت الطفلة: جدتي خذيني معك ،  أنا أعلم أنك ستختفين حالما ينطفئ عود الثقاب. وأسرعت الفتاة فأشعلت جميع عيدان الثقاب التي كانت في العلبة الواحدة ، كانت تريد أن تبقي جدتها لديها وقتا أطول فأعطتها عيدان الثقاب الكثيرة نورا أكثر. كانت كأنها في وضح النهار. وبدت لها جدتها أجمل مما كانت من قبل... ومدت الجدة ذراعيها فحملت الطفلة بينهما ، وطارتا معا عاليا في السماء ، حيث لاجوع ولا برد ولا عناء..
       وطلع الصباح البارد على هذا الركن من الشارع ، فرأى المارة طغلة موردة الخدين، على شفتيها ابتسامة ، وقد ماتت من شدة البرد... ماتت في هذه الليلة الزمهريرية ، وعلب الكبريت فرغت إلا واحدة فقط. وقال العابرون: لقد كانت المسكينة تحاول أن تستدفئ... ولكن لم يكن فيهم من عرف ما رأت الطفلة ، وهي تشعل الثقاب من بعد الثقاب.

عيسى الناعوري . النصوص العامة – دار الثقافة ص 456
-------------------------------------------------------------------------------------------------
            سأحاول في هذه التدوينة أن أخرج عن القاعدة التي ألفناها في تحليل النصوص القرائية وسأقدم هذا الدرس بطريقة أخرى كما أنجزته مع تلامذتي داخل الفصل ، وتجدر الإشارة إلى أننا أمام نص مسترسل  مما يستوجب أن يكون التلاميذ قد اطلعوا عليه قبل الحصة قراءة وإعدادا..
           وعليه سيأخذ الدرس بعدا تطبيقيا يطبق من خلاله التلاميذ مكتسباتهم ومهاراتهم القرائية التي اكتسبوها في النصوص السابقة.
           بعد التمهيد وطرح الأسئلة الاستكشافية للتأكد من مدى اطلاع التلاميذ على النص المسترسل ننتقل للتطبيق..
           تكتب الأسئلة التالية على السبورة وتعطى مهلة للتلاميذ- قبل تصحيحها-  قصد إنجازها إما بشكل فردي أو في مجموعات ، وإذا كان العمل جماعيا يستحسن أن يقتصر عمل كل مجموعة على فئة محددة من الأسئلة :
------------------------------------------------------------------------------------------------

** الأسئلة :

أولا : ملاحظة النص :

1- حدد نوعية العنوان من الناحية التركيبية :

2- بم توحي إليك عبارة “بائعة الكبريت” ؟

3- هل تكرر العنوان في بداية النص ؟ استخرج بعض العبارات التي تنتمي إلى حقله المعجمي

4- بم تبتدئ معظم فقرات النص (الأفعال أم الأسماء؟) وما دلالة ذلك ؟

5- اقرأ السطر الأول من النص والسطرين الأخيرين منه ، ثم اقترح فرضية حول مضمونه.

6- حدد نوعية النص مسترشدا بإجابتك في السؤال (4)

ثانيا : فهم النص :

 1- استخرج من النص الكلمات التي تناسب الشرح التالي : 
- …………………. : انتفخ والتهب   - ………………….. : تفرق وانتشر 
- …………….….. : صاحت ومدت صوتها - ……………….….. : لونها كلون الورد 
2- حدد الحدث الرئيسي في النص معتمدا على الأسئلة التالية : - مم كانت الطفلة تعاني ؟ – ما المصير الذي لقيته ؟ ما سبب ذلك ؟ 

ثالثا : تحليل النص : 

1- صل الأحداث التالية بما يناسبه من فقرات النص :
 الأحـــــــــــــــــداث
 الفقرات
 - وصف معاناة الطفلة خلال الليلة التي قضتها في الشارع
 1
 - وصف بائعة الكبريت ومعاناتها بسبب الجوع والبرد والفقر
 2
 - موت الطفلة
 3
 - اخفاق الطفلة في بيع علب الكبريت ، ورفضها العودة إلى البيت خوفا من ضرب أبيها
 4

2- استخرج من النص أوصاف بائعة الكبريت ، وصنفها حسب الجدول التالي : 

 أوصاف جسمية
 أوصاف نفسية
 أوصاف اجتماعية


3- حدد نوع الرؤية السردية (أي الزاوية التي يحكي منه الكاتب) 



رابعا : التركيب والتقويم : 

1- لخص النص في بضعة أسطر معتمدا على أحداثه

2- أبرز قيمته الاجتماعية.

** عناصر الإجابة :


أولا : ملاحظة النص :

1- حدد نوعية العنوان من الناحية التركيبية :
عنوان النص مركب إضافي يتكون من كلمتين
2- بم توحي إليك عبارة “بائعة الكبريت” ؟
توحي هذه العبارة بشخصية / بائعة تبيع الدفىء والطمأنينة والنور  ، كما توحي بالفقر والمعاناة لأن بيع الكبريت ليس عملا مربحا
3- هل تكرر العنوان في بداية النص ؟ استخرج بعض العبارات التي تنتمي إلى حقله المعجمي
لم يتكرر العنوان في بداية النص ولكننا نجد بدله عبارات أخرى تنتمي إلى الحقل المعجمي نفسه ، مثل : عود الثقاب – لم تبع – علب الكبريت – أشعلت …
4- بم تبتدئ معظم فقرات النص (الأفعال أم الأسماء؟) وما دلالة ذلك ؟
معظم فقرات النص تبتدئ بالأفعال التي تدل على الحكي والسرد
5- اقرأ السطر الأول من النص والسطرين الأخيرين منه ، ثم اقترح فرضية حول مضمونه.
يفترض أن يتحدث النص عن معاناة بائعة الكبريت والنهاية المأساوية التي انتهت إليها
6- حدد نوعية النص مسترشدا بإجابتك في السؤال (4)
نص حكائي ذو بعد اجتماعي

ثانيا : فهم النص :

 1- استخرج من النص الكلمات التي تناسب الشرح التالي : 
تورم : انتفخ والتهب                            - تناثر : تفرق وانتشر 
هتفت : صاحت ومدت صوتها                - موردة : لونها كلون الورد 2- حدد الحدث الرئيسي في النص معتمدا على الأسئلة التالية : - مم كانت الطفلة تعاني ؟ – ما المصير الذي لقيته ؟ ما سبب ذلك ؟

معاناة بائعة الكبريت من الفقر والجوع ، وموتها بسبب البرد وعدم إشفاق الناس عليها

ثالثا : تحليل النص : 

1- صل الأحداث التالية بما يناسبه من فقرات النص :

 الأحـــــــــــــــــداث
 الفقرات
 - وصف معاناة الطفلة خلال الليلة التي قضتها في الشارع
 3
 - وصف بائعة الكبريت ومعاناتها بسبب الجوع والبرد والفقر
1
 - موت الطفلة
4
 - إخفاق الطفلة في بيع علب الكبريت ، ورفضها العودة إلى البيت خوفا من ضرب أبيها
 2
2- استخرج من النص أوصاف بائعة الكبريت ، وصنفها حسب الجدول التالي : 

 أوصاف جسمية
 أوصاف نفسية
 أوصاف اجتماعية
 مكشوفة الرأس – حافية القدمين – تورم خداها – شعرها الأشقر الطويل… الخوف من الأب – تخيل الجدة

 الفقر والحرمان
3- حدد نوع الرؤية السردية (أي الزاوية التي يحكي منه الكاتب) 

الرؤية من الداخل : لأن السارد يعرف أكثر مما تعرفه الشخصية الرئيسية ، وهو ملم بالتفاصيل والجزئيات.

رابعا : التركيب والتقويم : 

1- لخص النص في بضعة أسطر معتمدا على أحداثه
    يتحدث النص عن قصة طفلة فقيرة تبيع الكبريت ، وتعاني في سبيل ذلك معاناة شديدة بسبب البرد القارس وندرة المشترين ، وحدث في أحد الأيام أن فشلت في بيعها ، مما جعلها تقرر عدم الرجوع إلى البيت مخافة ضرب أبيها ، واختارت البقاء في الشارع ، وقضت وقتها في إشعال الكبريت والتخيل..ولم تتمكن من مقاومة البرد الشديد فماتت دون أن يتمكن أحد من إنقاذها.

2- أبرز قيمته الاجتماعية .
    تتجلى القيمة الاجتماعية للنص في مشكلة الفقر وما يرتبط به من معاناة وحرمان  ، وغياب روح التضامن مع الفقراء والمحتاجين من طرف أفراد المجتمع.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

نموذج من إنشاءات التلاميذ في مهارة كتابة اليوميات

نص الموضوع : اكتب يومية تتحدث فيها عن أفضل يوم أو أسوأ يوم مر معك خلال العطلة الصيفية الأخيرة مطبقا ما درسته في مهارة كتابة اليوميات. --------------------------------- نموذج من إنجاز التلميذة : سلمى أصياد  - الثالثة : 4 السبت الأول من شهر رمضان المبارك لسنة 1435هـ / 2014م في صباح هذا اليوم كانت الساعة العاشرة صبحا، استدعينا أنا وأمي لمؤسستي لاستلام جائزة تفوقي. كنت سعيدة جدا، عندما دخلنا المؤسسة قادنا الحارس العام إلى قاعة الأساتذة، وجدناها ممتلئة بالتلاميذ وأولياء أمورهم وأطر المؤسسة. بعد نصف ساعة نودي علي فاستلمت الجائزة والتقطت صورا للذكرى. رجعنا إلى المنزل وفي الطريق كنت أحدث نفسي بأن الله لا يضيع من عمل بصدق نية. في المساء في مساء ذلك اليوم كنا قد أعددنا فطورا جماعيا في الفرع الكشفي الذي أنتمي إليه. ذهبت على الساعة الرابعة للمساعدة في التحضيرات، كان عملا متعبا، وقلت في نفسي ياليتني لم أحضر حتى موعد الأذان ، فقد كنت متعبة جدا ولكن فرحة أيضا ، فقد تخلل التحضيرات نوبات من الضحك والمزاح. لكن لم يذهب تعبنا سدى، فقد فوجئ القادة بطريقة تزييننا للقاعة. قبيل الأذان بقليل اجتمعنا لسماع القر

مهارة كتابة سيرة ذاتية أوغيرية (التصحيح)

- الثانوية الإعدادية : …………………...     - الموسم الدراسي : 2011 / 2012 - مادة اللغة العربية                                   - مكون التعبير والإنشاء ( أنشطة الإنتاج ) - اسم التلميذ : - القسم : - الرقم الترتيبي : التخيل والإبداع : التدريب على مهارة كتابة سيرة ذاتية أو غيرية            نص الموضوع :            يقيم كل واحد منا عبر مراحل من حياته علاقة صداقة مع أصدقاء له يشاطرونه أفراحه وأتراحه ، ويشيعون في وجدانه الإحساس بدفء الروابط الإنسانية.            اكتب مرحلة من سيرتك الذاتية تسرد فيها طبيعة العلاقة التي ربطتك ببعض أصدقائك. نموذج مقترح :               من إنجاز التلميذة : وصال خراز                               الثالثة : 1        في صغري ، كل ما أتذكره أني كنت أصادق العديد من الصبيان ، إذ أنني لا أتفق مع البنات . كان لي عدة أصدقاء ، وجميعهم أولاد باستثناء واحدة كان اسمها “سكينة” .. كنا لا نفترق ، تجمعنا أواصر الأخوة والمحبة ، نسبح في بحر من الأحلام ، وجل كلامنا كان عن أحلامنا ومتمنياتنا للكبر..        كان كل ما نطلبه أن

نموذج لسيرة ذاتية حول المعاناة مع المرض

      نص الموضوع :     ألم بك في يوم من الأيام ، مرض عانيت منه لمدة ما. اسرد تجربة معاناتك مع هذا المرض وفق ما اكتسبته من خطوات كتابة سيرة ذاتية. --------------------------------------------------------------------------------        شاءت الأقدار في أحد الأيام أن ألم بي مرض قدر لي أن أعاني منه لفترة. لا أدري ما كان ذلك المرض، لكن ما أذكره أن الحمى مرفوقة بالسعال والزكام كانوا قد اتحدوا فأنهكوا قوى مناعتي ، وألزموني الفراش لأيام معدودات...        ظننت في البداية أنها مجرد نزلة برد ستحل علي ضيفا خفيفا ثم تمضي لحالها، لكن سرعان ما تجهز المرض فأحكم قبضته علي. وبذلك انطفأ نور النشاط والحيوية اللذين كانا يدبان في نفسي، وحل محلهما العياء والخمول، فكانت الساعات تمضي الواحدة تلو الأخرى فلا تجدني إلا في نفس الحال نائمة أو مستلقية على فراشي الذي كنت قليلا ما أفارقه.        لا زلت أذكر صورة علبة الدواء المكعبة الشكل التي تعددت ألوانها وحسن مظهرها، لكن ذلك لم يكن سوى خدعة توهم العين بلذة الطعم، فما إن يستقبله اللسان حتى ينفر من مذاقه الذي يبعث على الغثيان، كان تناوله بمثابة كابوس عذاب بالنسبة إلي..